94 عام من العلامات الفارقة

تحتفل المملكة العربية السعودية في مطلع برج الميزان من كل عام بذكرى إعلان توحيد البلاد على يد المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه، وذلك بموجب الأمر الملكي رقم 2716 وتاريخ 23 ستمبر سنة 1932 حيث يتكون الأمر الملكي من ديباجة وثمانية مواد تجسد أرقى التطبيقات التشريعية لمبادئ الشورى والعدل والمساواة التي شكلت أسس المملكة العربية السعودية منذ عصورها الأولى.

أود أن أشارككم الاحتفال في هذه الذكرى المجيدة من منظور قانوني واقتصادي على وجه التحديد، فإن صدور هذه الوثيقة التشريعية بتلك الفترة الزمنية الكائنة بين الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية يعكس عمق الاستقرار السياسي والاقتصادي المزامن للنهضة التشريعية التي كانت تعيشها المملكة العربية السعودية آنذاك، وهذا من شأنه أن يقدم البرهان الثابت على أهمية البيئة السعودية الاستثمارية التي استقطبت معظم المقرات الإقليمية بالمنطقة.

فمنذ قديم الأزل والبواخر التجارية الدولية تتوافد على موانئ المملكة العربية السعودية والتي تمتاز في كونها حلقة وصل ما بين القارات الثلاثة، ونذكر على سبيل المثال قدوم الباخرة جهانكير في شهر يناير من عام 1922 محملة بالبضائع ووفد من الحجاج، وهذه التجارة الدولية أوجدت ممارسات عالمية في المنطقة ، ونستشهد في هذا الصدد بإعلان نشر في عام 1928 في صحيفة أم القرى العدد 184 تعلن فيه متاجر الشيخ إبراهيم الفضل المتواجدة في جدة ومومباي وكراتشي عن استعدادها التام لتوريد جميع الطلبات التي تحتاجها تجارة هذه البلاد، وجاء بالإعلان حصول متاجر الشيخ الفضل على عدد من الوكالات التجارية التي تحصل عليها من أوروبا.

أما بالنسبة للعلامات التجارية فلم تكن غائبة عن البيئة الاقتصادية السعودية حيث كانت تعرف بمسمى العلامات الفارقة ، وكان من رواد هذا القطاع رجل الاعمال بن زقر الذي يملك أقدم علامة تجارية مسجلة في المملكة العربية السعودية، أما بالنسبة للمعاملات المالية وسوق الدين فقد كانت مزدهرة ، وتثبت الوثائق المنقولة لنا عبر المؤرخين الثقات أنه من الأساليب الشهيرة كان إعمال المقاصة في المعاملات المالية بين التجار والمزارعين، وهذه المرونة لعبت دوراً كبيرا في ازدهار الاقتصاد واستقراره بالرغم من وجود كوارث مالية عالمية محيطة من الغرب إلى الشرق.

وقد شهد التاريخ أن البيئة الاقتصادية السعودية المستقرة أنتجت كيانات اقتصادية دولية عابرة للحدود عاصرت أحلك الأزمات المالية العالمية وتجاوزتها بنجاح، مما يجعل البيئة الاقتصادية السعودية الخيار الأول لكل من يرغب في تأسيس استثمار راسخ على المدى البعيد.

Khalaf Bandar
Khalaf Bandar
Even with all of the advances our country has made to digitize our economy and infrastructure, the legal process of joining the Saudi economy is not easy.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

This site is registered on wpml.org as a development site. Switch to a production site key to remove this banner.