أزمة فكرية
حماية البيانات الشخصية وفقًا لمبادئ الخصوصية
منذ القدم كان العرب لديهم أمثال وأقوال تدعم مبدأ الخصوصية والرقابة الذاتية، فكان عليهم أن يفكروا فيما يقولونه قبل الإفصاح عنه والتصريح به، وهذا يشمل حماية البيانات سواء كانت شخصية أو تجارية أو حتى سياسية، يقول العرب: لسانك حصانك، إذا حافظت عليه حماك، ويقولون كلما نطقت بكلمة أصبحت ملكا لغيرك، وغير ذلك من الأمثال والعبر.
ولكن هذا لم يمنعنا من الخطأ، فالعصمة بأمر الله كانت من نصيب الأنبياء، ولذلك فإن تراثنا العربي لابد أن يعالج هذا الوضع بالقول المأثور: «لكل جواد سقطة».
حماية البيانات في عصر وسائل التواصل الاجتماعي
في ظل منصات التواصل الاجتماعي الجديدة، ارتفعت نبرة الشكاوى، حيث أبدى العديد من الأشخاص مخاوفهم، ويريدون الحد من انتهاك الخصوصية وسرقة البيانات من قبل شركات التواصل الاجتماعي.
إذا أردنا أن نؤصل القضية ونعرض موقفنا منها، فلا بد أن نلجأ إلى الفلسفة، لأن الأفعال البشرية تُبنى على أسس ومبادئ أخلاقية، بغض النظر عن الأطر التي تتخذها والحوافز التكميلية.
لذلك السؤال موجه لمن يريد الخصوصية، لماذا تشارك لحظاتك؟
بمعنى آخر، لماذا يتنازل الناس عن خصوصيتهم؟ ما الذي يدفعهم إلى مشاركة لحظاتهم عبر وسائل الإعلام؟ قد تبدو الإجابة معقدة رغم بساطة الأسئلة!
لماذا يشارك الأشخاص بياناتهم الشخصية عبر الإنترنت؟
وهذا يعيدنا إلى نقطة البداية: لماذا يتنازل الناس عن حرياتهم في مقابل قانون يحميهم؟ هذا كان جواب مجموعة من الباحثين في ورقة علمية منشورة.
أساس هذا الاتجاه هونظرية العقد الاجتماعيوتنص هذه النظرية على أن الجماعات البشرية نتيجة لاختلاف مصالحها تنازلت عن جزء من حقوقها في ظل إنشاء كيان مستقل ينظم شؤونها، وعلى هذا الأساس تحمل أهل مواقع التواصل الاجتماعي واجباً أخلاقياً.
يجب على شركات التواصل الاجتماعي حماية خصوصية منشوراتها، وبهذه البساطة تكون شركات التواصل الاجتماعي قد انتهكت التزاماتها، فالعقد الاجتماعي عقد أبدي لا يسقط بالتقادم، على الرغم من التقدم الذي قد يتحقق في قضية التواصل الاجتماعي.
تناقض نظرية العقد الاجتماعي
إن هذا التناقض الأخلاقي يعكس مدى زعزعة استقرار النفس البشرية، وبعد دراسة أنواع المنشورات الاجتماعية قمت بتقسيمها إلى قسمين:
- المنشورات العامة التي لا تدور حول شخص معين في شخصه.
- تهتم المنشورات الخاصة بالحياة الخاصة للأفراد. على سبيل المثال، قد يكون الحديث عن قراءتي لكتاب في الصباح على كرسيي هو موضوع لا يقدره أحد حقًا.
التخلي عن مبادئ الخصوصية
بعد التخلي عن مبدأ الخصوصية على المستوى الشخصي، نرى الناس يغضبون عندما يعلمون أن سياسة الخصوصية لتطبيق التواصل الاجتماعي قد تغيرت، وكأنه يهتم بذلك على الإطلاق. في الماضي القريب كان كتاب الأرقام مصدر فخر وموضوع نقاش، ما اسم فلان في هذا الكتاب؟
وحتى وقت الخطوبة كان رقم الهاتف المحمول شرطاً للاستعلام عن أخلاق الخاطب المحترم، ولم يمض عام أو بضعة أعوام والناس تفر وتحذر من هذا الهجوم الشرس على أسرار البيوت.
اتصالمكتب خلف بندر للمحاماة لمساعدتك في التعامل مع قوانين الخصوصية الخاصة بشركتك
إذا قبلنا المقولة السائدة بأن التواصل الاجتماعي “ضرورة”، فكيف سنواجه صراع المعايير الأخلاقية لمستخدمي تطبيقات التواصل الاجتماعي، حيث أن الصراع هو نتيجة حتمية لاختلاف البيئات والعادات والتقاليد والتعليم والأديان ومستويات الرفاهة، والعديد من العوامل المؤثرة على أخلاق الإنسان.
لك أن تتخيل كيف استطاع فضاء وهمي أن يجمع كل هؤلاء الأشخاص ليتعرفوا على بعضهم البعض، ومن ثم يندد بتصرفات كل واحد حسب أخلاقه!
الرأي لكم أعزائي وتقبلوا تحياتي واحترامي.
Leave a comment
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.
Comments